الرئيسية
أحدث الصور
التسجيل
دخول
من طرف العالم يتوجس خيفة من نضوب الإنديوم السحري
شاشات اللمس مهددة بالتلاشي
بالنسبة
للكثيرين تعتبر شاشات اللمس سحراً خالصاً، فهي تحقق لمستخدمها السرعة
والمتعة في آن معاً، غير أنها قد تصبح مجرد ذكرى من الماضي خلال عقد من
الزمان، ليس بسبب إحلال تقنيات أخرى جديدة محلها، فتجعلها تبدو بدائية،
وإنما لسبب آخر يتعلق بقرب نضوب المادة، التي تستخدم في صناعة تلك الشاشات،
التي ترتكز عليها كل أجهزة الهاتف المحمول التي تعمل باللمس، بالإضافة إلى
شاشات أجهزة العرض المختلفة المكونة من الكريستال السائل.
وسيطال
خطر نضوب تلك المادة الخلايا الشمسية والمصابيح منخفضة الاستهلاك للطاقة،
كما ستعاني من ذلك الصناعات المرتكزة على الطاقة ذات الكربون المنخفض، لهذا
فليس من المستغرب معرفة أن الشركات والمختبرات المختلفة على امتداد العالم
تبحث عن بديل بأي شكل.
هذه
المادة، لمن لا يعرفها، هي «أكسيد قصدير الإنديوم»، وهي ناتج ثانوي عن
تعدين خليط من اثنين من الأكسيدات الفلزية، ويميل مهندسو الإلكترونيات
للنفور من هذه المادة، لأسباب كثيرة من بينها أن مكونها الرئيسي هو عنصر
الإنديوم، وهو أحد النواتج الثانوية عن تعدين معدني الزنك والرصاص، ومن
الصعب إنتاجه، كما أنه غالي الثمن، والأهم من ذلك أن التعامل معه صعب
للغاية، نظراً لهشاشته وافتقاره إلى المرونة.
غير
أن المزايا التي يتمتع بها هذا المعدن، تجعلنا نغفر تلك السمات، فهو مثال
نادر لمادة موصلة للكهرباء وشفافة من الناحية البصرية، وهذا يعني أنها لا
تمتص جسيمات الضوء الأولية، أو «الفوتونات»، بخلاف المعادن الأخرى التي
تمتص الفوتونات، كما أنها غير شفافة.
تعتبر
شاشات اللمس الابتكار الأحدث الذي يعتمد على «أكسيد قصدير الإنديوم»، غير
أن هناك شاشات لمس قديمة لم تكن تحتاجه، فعلى سبيل المثال، فإن تسليط
مصابيح، تعمل بالأشعة تحت الحمراء، على أجزاء مختلفة من الشاشة يمكن أن
يؤدي الغرض، لأن الضغط عليها باللمس يؤدي إلى احتجاز تلك الأشعة، لكن هذه
التقنية تستهلك الكثير من الطاقة، ولا تناسب الأجهزة الصغيرة مثل أجهزة
الهاتف المحمول.
اعتمدت
أجهزة الهاتف المحمول الأولى، ذات الشاشات التي تعمل باللمس، في عملها على
قلم خاص مستدق الطرف، وطبقتين من «أكسيد قصدير الإنديوم» مفصولتين إحداهما
عن الأخرى، وملامسة الشاشة بالقلم المستدق كانت تؤدي إلى اتصال بين
الطبقتين ومرور تيار كهربائي، ثم تطورت تلك الأجهزة ليحل الإصبع مكان
القلم، بحيث أصبحت ملامسة الشاشة في مكان ما منها تؤدي إلى نوع من المواسعة
الكهربائية وإحداث تغيير في تلك البقعة من الشاشة، وهذا يعني أنه لم تعد
هناك حاجة لطبقة ثانية من «أكسيد قصدير الإنديوم».
هذا
الابتكار أحدث ثورة في عالم تلك التقنية، فتعدد خيارات اللمس على الشاشة
الواحدة، بحسب ما يوضح «لورنس غاسمان»، من مؤسسة «غلين ألين» لتقنية النانو
في ولاية فيرجينيا الأميركية، أدى لإحداث تغيير في بيئة الهواتف الذكية،
كما تفعل «الفأرة» في مجال الكمبيوتر، ويضيف غاسمان أنه لولا التقنية
الجديدة، فإن المستخدمين كانوا سيكونون كفاقدي البصر، وهم يحاولون قراءة
صفحات الشبكة العنكبوتية عبر شاشة صغيرة.
لكن
السؤال المطروح هنا، هو كم هي الفترة المتبقية التي يمكننا من خلالها
الاعتماد على تلك المادة «السحرية»؟ في الحقيقة لا أحد يستطيع الإجابة عن
هذا التساؤل على وجه الدقة، ولا أحد يعلم كمية عنصر الأنديوم المتبقية، كما
يقول توماس غريدل، من جامعة يال الأميركية، الذي يرأس حالياً مجموعة عمل
برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة المتعلق بوفورات المعادن العالمية،
وهذا يعود لأسباب منها أن الأنديوم ليس فلزاً خالصاً، وإنما هو نتاج ثانوي
لمعادن أخرى.
ومن
الصعب على كل المناجم السعي لاستخلاصه، لما في ذلك من عمل شاق، ويقدر مركز
المسوحات الجيولوجية الأميركي أن الاحتياطيات الحالية الموجودة من
الأنديوم في كل العالم تصل إلى 16 ألف طن فقط، معظمها موجود في الصين، ولو
قسمنا هذه الكمية على المعدل الذي نستخدم تلك المادة فيه لوجدنا أن من
الأرجح أن تنضب بحلول عام 2020.
صحيح
أن اكتشاف مصادر أخرى للأنديوم أمر شبه مؤكد، إلا أن الكميات التي ستنتج
عن ذلك لن تكون قادرة على تلبية الاحتياجات المتنامية بسرعة الصاروخ لهذه
المادة، فبحسب غازمان، فإن سوق الشاشات التي تعمل باللمس بلغ 47 .1 مليار
دولار أميركي، وسيرتفع ليصل إلى 5 .2 مليار دولار في عام 2017، ومع زيادة
الاستخدام فإن هذه المادة ستصبح أكثر ندرة، وسيرتفع ثمنها بشكل كبير.
«أكسيد
قصدير الإنديوم» شفاف مثل الزجاج، وهو موصل للكهرباء، وإن بدرجة أقل من
المعادن، لكنها كافية لتأدية الغرض، وهذه الميزات هي التي حققت له الانتشار
في الأجهزة الإلكترونية الحديثة التي تستخدم الضوء، ففي حالة أجهزة
التلفزيون مسطحة الشاشات يتم تشغيل وإيقاف كل «بكسل» عرض عن طريق زوج من
أقطاب «أكسيد قصدير الإنديوم»، وفي الخلايا الشمسية الرقيقة، فإن طبقات
الخلية التي تمتص الضوء تحتاج لأقطاب في الأمام وفي الخلف من أجل تشكيل
دائرة كهربائية، وبالتالي تحويل الطاقة من شمسية إلى كهربائية.
