حيوان الشمبانزي يستطيع التعرف على صورته في المرآة. فعندما وضع العالم الأمريكي جوردون جالوب
G. Gallup مرآة بطول وارتفاع الجدار بأحد أقفاص الشمبانزي.
لاحظ أن الحيوانات تعاملت للوهلة الأولى مع صورها وكأنها تشاهد حيوانات أخرى، ولم يكن ذلك مستغربا بطبيعة الحال ولكن بعد أن ظلت المرآة في مكانها لبضعة أيام بدأت أفراد الشمبانزي ترتاب في الأمر وتقوم بحركات استطلاعية أمام المرآة وسرعان ما عرفت الحقيقة
أما الذي أذهل جالوب نفسه فهو ما لاحظه من أن الشمبانزي الذي يكتشف صورته في المرآة لا يلبث أن يتجاوز ذهوله ويتعلم بسرعة كيف يستفيد من المرآة في تمشيط شعره وتهذيب هيئته وتفحص أسنانه وما إلى ذلك.
قام جالوب بتخدير الحيوانات بعد أن رأت صورها في المرآة، ثم لون بقعة صغيرة فوق حاجب العين اليمنى، وبقعة أخرى في أعلى الأذن اليسرى لكل حيوانوذلك باستخدام طلاء عديم الرائحة، ثم انتظر حتى زال أثر المخدر وتأكد من أن الحيوانات لم يبد عليها ما يدل على أنها شعرت بما استحدث على وجوهها من علامات أثناء التخدير.
وبعد ذلك جاء بمرآة ووضعها أمام كل حيوان،فوجد أن الحيوان يحدق ملياً في صورته ويمد إصبعه فيلمس البقعة الملونة فوق حاجبه ثم يتشمم إصبعه كما لو كان يود معرفة طبيعة هذه الصبغة الغريبة،ومرة أخرى يعاود النظر في المرآة ويمد يده ثانية لتحسس الجزء الملون من أذنه ويظل يكرر هذه الحركات الفضولية عدة مرات قبل أن يسلم بالأمر الواقع وينصرف إلى شئون حياته.
عندما أعلن جالوب عن اكتشافه قامت الدنيا ولم تقعد في الأوساط العلمية، واتُّهم الرجل بأنه مبالغ في تفسيراته على نحو لا يليق بالعلماء. غير أن الأبحاث اللاحقة في أنحاء شتى من العالم أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن الشمبانزي يملك بالفعل القدرة على تبين الذات self – recognition
G. Gallup مرآة بطول وارتفاع الجدار بأحد أقفاص الشمبانزي.
لاحظ أن الحيوانات تعاملت للوهلة الأولى مع صورها وكأنها تشاهد حيوانات أخرى، ولم يكن ذلك مستغربا بطبيعة الحال ولكن بعد أن ظلت المرآة في مكانها لبضعة أيام بدأت أفراد الشمبانزي ترتاب في الأمر وتقوم بحركات استطلاعية أمام المرآة وسرعان ما عرفت الحقيقة
أما الذي أذهل جالوب نفسه فهو ما لاحظه من أن الشمبانزي الذي يكتشف صورته في المرآة لا يلبث أن يتجاوز ذهوله ويتعلم بسرعة كيف يستفيد من المرآة في تمشيط شعره وتهذيب هيئته وتفحص أسنانه وما إلى ذلك.
قام جالوب بتخدير الحيوانات بعد أن رأت صورها في المرآة، ثم لون بقعة صغيرة فوق حاجب العين اليمنى، وبقعة أخرى في أعلى الأذن اليسرى لكل حيوانوذلك باستخدام طلاء عديم الرائحة، ثم انتظر حتى زال أثر المخدر وتأكد من أن الحيوانات لم يبد عليها ما يدل على أنها شعرت بما استحدث على وجوهها من علامات أثناء التخدير.
وبعد ذلك جاء بمرآة ووضعها أمام كل حيوان،فوجد أن الحيوان يحدق ملياً في صورته ويمد إصبعه فيلمس البقعة الملونة فوق حاجبه ثم يتشمم إصبعه كما لو كان يود معرفة طبيعة هذه الصبغة الغريبة،ومرة أخرى يعاود النظر في المرآة ويمد يده ثانية لتحسس الجزء الملون من أذنه ويظل يكرر هذه الحركات الفضولية عدة مرات قبل أن يسلم بالأمر الواقع وينصرف إلى شئون حياته.
عندما أعلن جالوب عن اكتشافه قامت الدنيا ولم تقعد في الأوساط العلمية، واتُّهم الرجل بأنه مبالغ في تفسيراته على نحو لا يليق بالعلماء. غير أن الأبحاث اللاحقة في أنحاء شتى من العالم أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن الشمبانزي يملك بالفعل القدرة على تبين الذات self – recognition
لقد أصبحت هذه الطريقة نموذجاً قياسيا عرف في أدبيات العلم باسم اختبار المرآة mirror test
خلص العلماء إلى أن الشمبانزي والأورانجوتان فقط - من بين كل الحيوانات التي تمت دراستها - هما النوعان الوحيدان القادران على تمييز صورتيهما في المرآة.
أن الطفل الصغير يتصرف عادة إزاء صورته في المرآة وكأنه يشاهد طفلاً آخر، ولا يبدأ في تبين صورته في المرآة قبل بلوغه سنتين من العمر أو سنة ونصف السنة على أقل تقدير. ومن الثابت أن الطفل قبل هذه السن لا يشعر بنفسه ولا يحتفظ بذاكرة لما يدور حوله، أي أن بداية تعرف الطفل على صورته في المرآة تتزامن مع بدء إدراكه لوجوده وتشكيله ذاكرة للأحداث التي تمر به.
في الحيوانات التي تعرف ذواتها تكون القشرة قبل الجبهية prefrontal cortex في النصف الكروي الأيمن من المخ أكثر تطوراً وتميزاً من نظيرتها في الحيوانات التي لا تتبين ذواتها. وفي الإنسان أيضاً يتعاظم نضج هذه المنطقة اعتبارا من عمر سنتين, وهو العمر الذي يبدأ فيه الطفل في التعرف على صورته في المرآة.
أجرى العالم الأمريكي جوليان كينان J. Keenan وزملاؤه بجامعة هارفارد تجربة فريدة استفادوا فيها من اختبار يجري عادة قبل جراحات الصرع، ويعرف باسم اختبار وادا Wada test نسبة إلى عالم الأعصاب الذي ابتكره
(جون وادا)،وفيه يتم تخدير أحد جانبي المخمع الإبقاء على الجانب الآخر متنبها، ثم يطلب من المريض القيام بأفعال معينة أوالإجابة عن أسئلة معينة بهدف تقييم أداء - أو معرفة وظائف - كل جانب من جانبي المخعلى حدة. وقبل التجربة قام العلماء بالحصول على صور فوتوغرافية لعدد من المرضى الذين كانوا سيخضعون للاختبار، ثم طعموا هذه الصور بملامح بعض المشاهير باستخدام الكمبيوتر بحيث أنتجوا صوراً هي خليط من صورة المريض وصورة أحد الشخصيات المعروفة،فجعلوا صور المرضى الرجال تحمل بعض ملامح المريض مختلطة ببعض ملامح بل كلينتون مثلا أو ألبرت أينشتين، أما صور النساء فأعدوها بحيث تحمل ملامح المريضة مختلطة بملامح مارلين مونرو أو الأميرة ديانا. وفي أثناء اختبار وادا, وبينما كان القسم الأيمن من المخ مخدراً والقسم الأيسر نشطاً، عرضت على مجموعة من المرضى صورهم المهجنة بملامح الآخرين هذه, وطلب منهم التعرف على صاحب الصورة، فأجاب الرجال بأن هذه الصور هي صور كلينتون أو أينشتين وأجابت النساء بأن الصور هي لمارلين مونرو أو ديانا, أي أن الرجل كان يرى في الصورة كلينتون أو أينشتين ولا يرى نفسه، وكذلك المرأة ترى في الصورة ديانا أو مارلين مونرو وتعجز عن رؤية نفسها، الأمر الذي يدل على أن الإنسان في حالة تخدير القسم الأيمن من المخ يعجزعن تمييز ملامحه ولكنه يظل قادرا على تمييز ملامح الآخرين.
أما حينما عرضت الصور على مجموعة أخرى من المرضى بعد تخديرالنصف الأيسر من المخ والإبقاء على النصف الأيمن يقظا، فقد حدث العكس إذْ أجاب المرضى على الفور بأن هذه الصور هي لهم، أي أنهم تجاهلوا ملامح الآخرين وتبينوا ملامحهم في تلك الصور المشوشة.
الاستنتاجات:
إن عملية التعرف على الذات تختلف بالفعل عن التعرف على الغير، وأن الدور الرئيسي في معرفة الذات تقوم به القشرة قبل الجبهية في الجانب الأيمن من المخ، أما معرفة الغير فيبدو أنها مهمة جزء آخر من الدماغ.
إن الحيوان بتعرفه على صورته في المرآة يكون قد أنجز المهمة الأصعب، وهو بالتالي يستطيع تأدية المهمة الأسهل، ونعني بها التعرف على الآخرين.
خلص العلماء إلى أن الشمبانزي والأورانجوتان فقط - من بين كل الحيوانات التي تمت دراستها - هما النوعان الوحيدان القادران على تمييز صورتيهما في المرآة.
أن الطفل الصغير يتصرف عادة إزاء صورته في المرآة وكأنه يشاهد طفلاً آخر، ولا يبدأ في تبين صورته في المرآة قبل بلوغه سنتين من العمر أو سنة ونصف السنة على أقل تقدير. ومن الثابت أن الطفل قبل هذه السن لا يشعر بنفسه ولا يحتفظ بذاكرة لما يدور حوله، أي أن بداية تعرف الطفل على صورته في المرآة تتزامن مع بدء إدراكه لوجوده وتشكيله ذاكرة للأحداث التي تمر به.
في الحيوانات التي تعرف ذواتها تكون القشرة قبل الجبهية prefrontal cortex في النصف الكروي الأيمن من المخ أكثر تطوراً وتميزاً من نظيرتها في الحيوانات التي لا تتبين ذواتها. وفي الإنسان أيضاً يتعاظم نضج هذه المنطقة اعتبارا من عمر سنتين, وهو العمر الذي يبدأ فيه الطفل في التعرف على صورته في المرآة.
أجرى العالم الأمريكي جوليان كينان J. Keenan وزملاؤه بجامعة هارفارد تجربة فريدة استفادوا فيها من اختبار يجري عادة قبل جراحات الصرع، ويعرف باسم اختبار وادا Wada test نسبة إلى عالم الأعصاب الذي ابتكره
(جون وادا)،وفيه يتم تخدير أحد جانبي المخمع الإبقاء على الجانب الآخر متنبها، ثم يطلب من المريض القيام بأفعال معينة أوالإجابة عن أسئلة معينة بهدف تقييم أداء - أو معرفة وظائف - كل جانب من جانبي المخعلى حدة. وقبل التجربة قام العلماء بالحصول على صور فوتوغرافية لعدد من المرضى الذين كانوا سيخضعون للاختبار، ثم طعموا هذه الصور بملامح بعض المشاهير باستخدام الكمبيوتر بحيث أنتجوا صوراً هي خليط من صورة المريض وصورة أحد الشخصيات المعروفة،فجعلوا صور المرضى الرجال تحمل بعض ملامح المريض مختلطة ببعض ملامح بل كلينتون مثلا أو ألبرت أينشتين، أما صور النساء فأعدوها بحيث تحمل ملامح المريضة مختلطة بملامح مارلين مونرو أو الأميرة ديانا. وفي أثناء اختبار وادا, وبينما كان القسم الأيمن من المخ مخدراً والقسم الأيسر نشطاً، عرضت على مجموعة من المرضى صورهم المهجنة بملامح الآخرين هذه, وطلب منهم التعرف على صاحب الصورة، فأجاب الرجال بأن هذه الصور هي صور كلينتون أو أينشتين وأجابت النساء بأن الصور هي لمارلين مونرو أو ديانا, أي أن الرجل كان يرى في الصورة كلينتون أو أينشتين ولا يرى نفسه، وكذلك المرأة ترى في الصورة ديانا أو مارلين مونرو وتعجز عن رؤية نفسها، الأمر الذي يدل على أن الإنسان في حالة تخدير القسم الأيمن من المخ يعجزعن تمييز ملامحه ولكنه يظل قادرا على تمييز ملامح الآخرين.
أما حينما عرضت الصور على مجموعة أخرى من المرضى بعد تخديرالنصف الأيسر من المخ والإبقاء على النصف الأيمن يقظا، فقد حدث العكس إذْ أجاب المرضى على الفور بأن هذه الصور هي لهم، أي أنهم تجاهلوا ملامح الآخرين وتبينوا ملامحهم في تلك الصور المشوشة.
الاستنتاجات:
إن عملية التعرف على الذات تختلف بالفعل عن التعرف على الغير، وأن الدور الرئيسي في معرفة الذات تقوم به القشرة قبل الجبهية في الجانب الأيمن من المخ، أما معرفة الغير فيبدو أنها مهمة جزء آخر من الدماغ.
إن الحيوان بتعرفه على صورته في المرآة يكون قد أنجز المهمة الأصعب، وهو بالتالي يستطيع تأدية المهمة الأسهل، ونعني بها التعرف على الآخرين.